Jun 25, 2007

حكاية الشقة 3

بدات الرحلة في صبيحة احد الايام حيث ذهبت انا و اخي الاصغر كي نبحث عن شقة لي و شقه اخرى له ليتزوج بها و نزلنا الى الشارع الرئيسي في قباء و بالسؤال عن وجود سمسار اخبرنا اولاد الحلال عن عم بدر ( و في قول اخر بدري ) و ان مكانه هو قهوة في منتصف الشارع . وجدناه رجلا في العقد الخمسيني من العمر يرتدي الجلابية الصعيدية التقليدية و يدخن المعسل و له عينان ملونتان لا يعطيان الانسان الا انطباع بالدهاء ( او قد يكون هذا انطباعي الشخصي و بعد الحوار المعتاد اخبرنا انه لا يقوم بأي طلعة ( مش جوية طبعا ) الا برسم معاينة ( مسمى جديد للتهليب و قدره 20 جنيه . مفيش مشكلة . و بطبيعة شخصيتي المنظمة الى حد ما ابلغته المواصفات المرادة بالضبط كي لا نضيع الوقت في البحث عن ما هو غير طبيعي من حيث المساحة و الدور و التشطيب و السعر و خلافه . و بدأنا رحلة البحث التي كانت عبارة عن اما شقق على الطوب الاحمر ( و ده بالضبط اللي انا مش عاوزه ) او شقق في الادوار بعد الخامس بدون اسانسير ( برضه لا ) او شقق باكتر ما احتكم عليه من برادس ( فلوس ) . و طول فترة البحث لا يكف عن الحديث عن انه هو و عائلته هم من انشأوا قباء و انها كانت تراب و مرتع لتجار المخدرات في السبيعنات و ان الرئيس السادات عندما سمع عن امبراطورية المخدرات هناك طلب من وزارة الداخلية ان تقوم بتصفيتها على الفور و لان وزارة الداخلية عندنا فكيكة جدا و مكانوش عارفين ازاي يطلعوا زعيم المخدرات من المنطقة بلغوه ان الريس عاوز يقابله ضروري و ان الراجل رفض يروح للريس القصر الجمهوري و اشترط انه يقابله في الالف مسكن و هناك اتقبض عليه . و حكاوي اخرى عن الامجاد الشخصيه لعم بدري و امجاده العائلية . و بالطبع لم تخلوا الرحلة من بعض الدهاء من ان تكون شقة رائعة و بسعر منخفض لكن بدون كهرباء و انها جاية بعد شهر او اثنين . كان عم بدري يذكرني طول ما انا و اخويا ماشيين معاه بنفس منطق المفاوضات الاسرائيلية العربية على مر الزمن . فقد اعتاد الاسرائليون على رفض كل المطالب العربية جملة و تفصيلا في اول اجتماع للتفاوض و من الناحية الاخرى يطلبوا هم المستحيل ثم مرة بعد مرة يتحقق لهم ما هو فوق سقف احلامهم . كذلك كان عم بدري السمسار من اول مرة يقول ( اللي معاك ده ما يجبش حاجة) ممكن على الطوب الاحمر و اشطبهالك 100/100 . يجعلك تحس انك افقر خلق الله و ان لو فزت بعشة في عزبة ابو رجيلة او الهجانة فذلك تمام المراد . تواصلت رحلات البحث مع عم بدري يوما بعد يوم لوحده او بالتوازي مع سماسرة اخرين . و عندما اكرمني الله بالشقة و قابلته و اخبرته عنها اخبرني و هو يحاول ان يقلب تكشيرة وجهه المليئة بالحقد و الحزن على المكسب الضائع من زبون مثلي انا و اخي ... اخبري ان الشقة غالية و اضحك عليا فيها بالطريقة دي . زيه زي أي سباك و لا نقاش اللي يجي يشتغل و يقولك ده الصنايعي الي اشتغل قبل كده كان حمار و نصاب و حرامي و ميعرفش ربنا ( و قد يضيف انه مسئول عن الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني الدائر حاليا )

كان عم بدري مثالا عن طبقة اعتقد انها بدأت في سبيعينيات القرن الماضي و ترسخت في الاعوام التاليه له . تعتمد هذه الطبقة في قوت حياتها على ثقافة الهبش ( النحت في اقوال اخرى ) فهو يحاول بأي طريقة كانت شرعية او ملتوية ان يكسب منك أي مبلغ ايا كان بداع و بدون داع و بالف طريقة متجددة . كانت عيناه الماكرتين تنضحان بالاساليب الملتوية لكسب الرزق من امثلة السمسرة – البيع على الراكب و هي طريقة اكتشفتها اثناء البحث ان مثلا صاحب الشقة يريد ان يبيعها بمبلغ 50 الف جنيه و يوعده السمار بانه سياتي له باكثر لكن سيعطيه 50 الف فقط و يبحث عن مشتري حمار و يلبسه الشقة و يكسب الفرق .

ذهبت انا و اخي معه ذات مرة لمعاينة شقة و كانت رائعة و ذات سعر معقول جدا جدا بل يكاد يكون لقطة . و نسي ان يخبرني ان عليها نزاع قضائي بين زوج و زوجته لولا ستر الله ان اخبرني صاحب الشقة ( شفاه الله و عافاه )

لقد اجبرني هذا الرجل ان اردد حسبي الله و نعم الوكيل عدة مرات و انا معه . فقد كانت الحل الوحيد لامير الدهاء عم بدري

الحلقة القادمة سمعة رئيس مجلس الادارة

1 comment:

MAKSOFA said...

جميل أن تخلط السياسه بواقع البحث عن الشقق في مصر ، أحييك علي بساطه الأسلوب ، وعدم التكرار والأطاله