Jan 4, 2007

هذه المرأة...... أحبها

لا ادري لماذا اكتب عنها ، فقائمة من و ما أريد أن اكتب عنه طويلة للغاية بداية من ابني و حتى إعدام صدام حسين و لكن وجدت نفسي اكتب عنها على الرغم من تأكدي أنها لن ترى أو تقرأ ما سأكتبه لها و عنها .... على الأقل قريبا حتى تتعلم اللغة العالمية للانترنت و البلوجز . و لكني سأحاول (على أنغام المبدع عمر خيرت) ان اكتب لها و عنها. كي لا أطيل عليكم هي زوجتي ...... تزوجنا منذ اثنان وعشرون شهرا زواج تقليدي عائلي أو كما يحب ان يسميه البعض ( زواج صالونات ) . كنت قد رجعت نهائياً من عملي بالخارج منذ أربعة أشهر تقريباً و رشحها لي والدي – حفظهما الله – و ذهبت مع أختي إلى قريتي الأصلية بإقليم الدلتا كي أراها . كان ذلك في أخر ليلة من شعبان منذ ثلاثة أعوام هجرية . رأيتها بعد مؤامرة مع قريبتها و التي تمت لي بصلة النسب في بيت احد الأقارب . فتاة عادية جدا تلبس بنطلون جينز و قميص قطني و حجاب - ليست رائعة الجمال و ليست دميمة . جامعية – ذات أصل طيب و متدينة إلى حد وسطي مريح – سحبت كلا من أختي و قريبتها نفسيهما من البلكونة و تركانا لمدة نصف ساعة تحدثنا فيها عن حياتها بعاصمة المحافظة أثناء دراستها و كيف كانت تتغلب على الصعاب اليومية و في نفس الوقت تتفوق في دراستها . لمحت شعلة ذكاء و شخصية قوية عندما كانت تتحدث بكل تلقائية عن شرائها للخضار و غسيل الملابس بطريقتها الخاصة . اعرف أن أول ما أعجبني فيها هي طلاقتها في الحديث فهذه أول مرة أراها و تراني و لكن تكلمت معي بكل طلاقة و أريحية محتفظة بهذا الخيط الرفيع الحاد في نفس الوقت الفاصل بين الرغي و الصمت . قضينا النصف ساعة و هي لا تعلم أنني جئت لاخطبها ثم نزلنا جميعا كي نوصلها إلى بيتها و تحت إلحاح قريبتها صعدنا إلى البيت و كنت محرجا للغاية لمدة دقائق نزلنا بعدها ثم حدث ما كشف ستر الخاطب المجهول . حرصت قريبتها على معرفة رأيي بعد نزولنا و كانت فتاتي معنا فطلبت منها كوبا من الماء – مع أنني كنت ما أزال أحس بطعم الشاي في فمي – أخبرت قريبتها بأنني سوف أتوكل على الله – و بعدها تحادثت أمي هاتفيا مع أمها و جرت العجلة بسرعة . لابد من توضيح في هذا المقام ..... كيف لي أن اختار بهذه السرعة أو بالأحرى بهذا التسرع على الرغم من مروري بقصص فاشلة قبل ذلك و ان زوجتي ليست كما حلمت او كما تمنيت فأنا اعتبر الانترنت نعمة من الله علينا و استخدمها في شتى أمور عملي و حياتي و هي لا تعرف عن الكمبيوتر شيئا . أتحدث الانجليزية بعدة لهجات و بعض من الفرنسية و هي أخر عهدها بالانجليزية مناهج الكلية التي غالبا ما كانت تنجح بها بالعافية. أنا اقرأ كثيرا في السياسة و الاقتصاد و التسويق و الأدب و هي لا تطيق قرأه الجريدة لمدة نصف ساعة . كيف سيذوب الاختلاف و كيف سيتلاقى جناحي الزواج ليشكلا طائرا يحلق بعيدا عن مشاكل الحياة اليومية. لقد حسبتها بأبسط معادلة في الوجود و لكني اجزم أنها أنجحها في ذات الوقت . كانت المعادلة هي : رضاء والدي و والدتي عني = رضاء الله سبحانه و تعالى و عليه لن يضيعني الله ابدا. آمنت بذلك و أيقنت به و أوقرته في قلبي و استخرت الله و توكلت على الله . تمت الخطبة في أيام عيد الفطر و تزوجنا بعد أربعة أشهر رأيتها فيها عدة مرات لا تتعدى أصابع اليدين لظروف عملي و اضطراري للسفر عبر ثلاثة محافظات أسبوعيا كي أرى أهلي و أراها و ارجع لعملي مرة أخرى . كنت خلال هذه المرات امكث معها لسويعات قليلة ( نصفها نائم من اثر السفر ) و لكننا تحادثنا بشتى الأشياء عني و عنها و عن كل شئ إلا تجاربنا السابقة . و كنت في كل لقاء ( على الرغم من نومي ) أحس أن هذه الزهرة تتفتح يوما بعد يوم لي أنا وحدي و اسعد و ابتهج بمعادلتي في اختيارها . نسيت أن أقول أن سويعات اللقاء القليلة كانت تعوضها مكالمات تليفونية طويلة جدا معها بعد الزيارة و إلى الآن نذكر بعضنا بهذه المكالمات و ما كان يدور فيها ضاحكين . كنت دائما احلم بزوجة توقظني لصلاة الفجر ... تتحدث معي عن عملي و ظروفه و تتفهم هذه الظروف ... تتفهمني بكل ما بي من متناقضات و عيوب و نقائص و كان الأهم عندي ان تتعايش مع أهلي و تحبهم و في نفس الوقت أسرتي الكبيرة التي أراد الله أن انضم لها بالقاهرة و كنت دائما ما اكرر عليها ( الناس دي هي عيلتي و عيلتك في القاهرة ) لان كلانا لسنا قاهريين الأصل تزوجنا و منذ أول لحظة أدركت أن زهرتي و وردتي أضحت بستانا متنوعا لي أنا وحدي – شمسا لا أتململ من دفئها – قمرا ينير لي صحراء ما ألقاه – سكنا اهفو إليه بكل لحظة – صديقة لا اخجل منها – زوجة تربت يداها على يدي – بكل اختصار ..... اجمعوا كل ما لديكم من صفات و ضعوها في مرجل الحب و المودة و السكن و الرحمة ... تجدوا منها هذه المرأة . كنت دائما قبل زواجي أتضايق من كلمة أمي الدائمة لي ( يا بني الحب الحقيقي بييجي بالعشرة و أنا و أبوك اكبر مثل على كده و الحمد لله ) كانت كلماتها تخرج من فمها لتقابل أذن صماء و منطقا لا يقبل هذه التراهات و نفسا تغلي من عقم منطقها . و لكن و لله الحمد أصبحت أنا و زوجتي اكبر مثالا على ذلك . كنت دائما اعتقد أن الزواج و قبله الحب أساسهما الاحترام المتبادل و أن يكسر كل طرف أشياؤه و بعضا من نفسه من اجل الطرف الأخر . أحبها نعم بل و أحس أن علاقتي بها قصة حب جميلة رقراقة كنسمات الندى في صباح الله الباكر . في بدايات زواجي كنت أخاف أن أحس بموت أحاسيس الحب كما نراها في الأفلام و نقرأها في الروايات داخلي و هذا عيب في إعلامنا الموجه أن الحب كله قبل الزواج و لكن و لله الحمد و المنة كل مشهد حب أراه أراها فيه و كل رواية رومانسية أرانا فيها متشابكي الأيدي . مواقف كثيرة مرت علينا لا أتذكر مرة أنها عارضتني بلا منطق أو دخلنا جدال عقيم فهي تعرف متى تصمت و متى تتكلم و هذا بحق فن في حد ذاته. أتذكر قبل ولادة طفلنا بعشرة أيام حدثت لي حادثة بالسيارة و كان معي والدها - و الذي أصيب إصابات عدة – و والدتها و كنت فزعا من رد فعلها و هي في أواخر أيام الحمل و لكنو لن أنسى لها هذا أبدا – ضمتني لها و قالت أنت و أبي في معزة واحدة . لم تفعل ذلك إلا عندما رأتني فزعا و ما زالت أثار الصدمة العصبية تحوطني. ذكاؤها فطري ، لا تحب أن تخسر أي جولة معي فهي تسمح بالاختلاف و تنصت إلى وجهة نظري و توافق عليها في النهاية لكن لا تسمح أن تنتهي المباراة بنتيجة 10-صفر لصالحي ، لابد أن تسجل هدف أو هدفين شرفيين. و لكني لا أجدها متزمتة عندما يثبت صواب رأيها في النهاية في بعض الأحيان بل تبادر لمعالجة الأخطاء بدون ذكر من المتسبب فيها . آمنت معها بأن كلما كان الحب أعمق كلما سمت الأنفس و تواصلت . أتذكر أنني لم اقل لها مرة واحدة نوعا من الطعام اشتهيه ليوم معين و لكن في 85% من الأيام أجدها أعدت ما اشتهيته و حضرت الفيلم الذي أحب أن أشاهده و تهيأت بما أحبه من ملابس و جو عام بدون أن تعرف . كيف؟؟؟ لا ادري. أتعجب من نفسي عندما أحس أنني أحبها كمراهقكناضج – كطفل – كعاشق بل و كمحب للحب ذاته . سينعتني الكثيرون بأنني رومانسي و لكن هذا ما أحسه و لا أتمنى له نهاية . و خلاصة القول أن الاختلافات في الطباع بين الزوجين مهما كانت عميقة أو حادة فأن توفيق الله سبحانه و تعالى و حب كل طرف للآخر و كسره رغباته الحياتية طواعية من اجل حبيبه و الاحترام المتبادل هما الحل و الطريق لحياة صافية

.